فلسفة الحرب
يمنات
محمد اللوزي
الحرب عنوان بائس للحياة، إفقار حقيقي لها، إنتهاك حقوق و حريات. إجهاض للجمال. قهرية حاضرة تسود المجتمع، تشغله بالدم و الدموع بدلا عن التطور و الابداع.
الحرب احتفاء بالموت، وترحيب بالمزري، وتبرير كامل الوقاحة في ضرورتها واهميتها وحاجة الانسان اليها وجعل شعاراتها ملائمة للدمار ليبقى الحزن راية وطن.
الحرب إيقاع مختلف تماما عن التطلع للأمام. إنها قتل الحاضر، و استحضار للمخزون التاريخي من ثقافة الإلغاء و الإقصاء و الادعاء. هكذا هي الحرب صراع لا ينتهي إلا بمأساة، و مأساة تبدأ لتنتج ما هو ظلامي و أكثر حلكة. لذلك هي افراغ المجتمع من التنوع و التعدد، و القدرات و الطاقات الخلاقة.
الحرب هي العدو الشرس لما هو نقي، غايتها خلق خصومات لا تعد، و تتكيء على ما تجده من مناطقية و مذهبية و عصبية؛ إنها نبش في جذور الالم و استنطاقه ليكون واقع المزيد من الدموع و الدماء.
الحرب لها اربابها من يقبضون على شعلتها حتى لاتخبو. هي لهذا تظل حاضرة في حسابات المرابين. من خلالها يفتتحون مواسم حصاد مال و أرواح.
الحرب تعني أن لا يتوقف الدم، و أن القتل مشروع وطني لمستقبل مفعم بالحياة و التطور. هكذا تسبك شعاراتها و مكوناتها و تروج لها. كل تاريخ الحروب ترفع شعار الوطنية و الدفاع عن الوطن في الماضي و الحاضر. (هتلر) النازي نموذجا.
الحرب خصومة حادة مع الزهرة و الاغنية، لا تقبل بالتعليم و تقهر الابداع، و لا تهتم بالفنون و العلوم. لذلك تطحن كل شيء، تفرغ الحياة من معناها، تجعل الوجود قابلا للإنفجار.
الحرب حشود لا تتوقف، و قوافل لا تستريح، و انهمار غزير للدم على مساحة وطن و شرغة حلم. لذلك يحدث أن يتمزق النسيج الاجتماعي، و أن تطاله يد الشيطان، يصير العدو هو الانساني تماما، و هو المتورط في الخيانة.
هكذا للحرب منطقها الخاص بها؛ الشيطنة للآخر و جعله في خانة من وجب الاجهاز عليه و قتله و تشريده؛ اساليب الحرب القمع و الفوضى و القهر. لذلك الحياة لا تعني شيئا و لا قيمة لها امام المروجين للخديعة.
الحرب انهيار اقتصادي شامل؛ تعطيل قدرات، و تحشيد جماهير، للسير بها حتف أنفها. الحرب ازمات لا تنتهي من المياه و الكهرباء الى المرتبات و المداخيل الاخرى. لذلك تنتشر الأوبئة، و يتراكم الفقراء، لتصير الحياة تافهة بلا معنى و ربما انتحار.
و الحرب تطويع للمقدس جعله حكرا على اربابها، هو الحقيقة و ماعداه الوهم؛ لي النص و توظيف اللغة لتكون في خدمة السلطوي في تطلعاته للقهر و احترافه الدم.
المقدس الديني يغدو رهن الممسك زمام الحرب؛ صاحب الطلقة الفاجرة؛ هو الذي يفتحه على ما يظن و يرغب و يريد؛ ليبقى الآخر زنديقا كافرا مباح دمه و ماله و عرضه.
الحرب لا تتوقف امام الاخلاقي و لا تعيره معنى و لا تفكر فيه و لا تؤمن به. لذلك تشرعن لكل ما يعطل الانساني و القيمة الاخلاقية.
الحرب مشروعها الاساس الخوف و القلق و التعب و خسارة الانسان لنفسه. الحرب تداعياتها لا تتوقف نحيب، و وجع متلاحق، و مستقبل لا يشير الى مستقبل.
الحرب يعني نسبة كبيرة من المعاقين و اليتامى و الارامل و المسنين الذين ينتحبون يوميا على من فقدوهم. الحرب تضاريسها ألم و استعباد و زنازن و حرائق و اشعال فتن، لذلك هي الخوف كله، هي الهلاك الذي لا يتوقف الا ليولد من جديد.
الحرب آهة و دمعة و تلميذ لا يجد كراسه إلا بين الانقاض و لا يجد رغيفه إلا في براميل قمامة..
الحر ب ضياااااااااااااااااااع
من حائط الكاتب على الفيسبوك
للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا
لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.